ektsadna.com
بيتكوين

محلل بلومبرغ يتوقع أن تكون ميتا رائدة في دمج البيتكوين بخزائن الشركات

“`html




محلل بلومبرغ يتوقع أن تكون ميتا رائدة في دمج البيتكوين بخزائن الشركات

محلل بلومبرغ: قد تكون الرائدة في تبني ال على مستوى خزائن الشركات

تثير العملات الرقمية، وخاصة البيتكوين، اهتماماً متزايداً ليس فقط بين المستثمرين الأفراد والمتحمسين للتكنولوجيا، بل أيضاً ضمن الأوساط المالية واستراتيجيات الخزينة للشركات الكبرى عالمياً. في تطور لافت يسلط الضوء على هذا التوجه المتصاعد نحو دمج الأصول الرقمية في محافظ الشركات، طرح محلل بارز في وكالة بلومبرغ رؤية جريئة ومثيرة للاهتمام للغاية تتعلق بشركة ميتا (Meta Platforms Inc.)، الكيان العملاق الذي يضم تحت مظلته منصات تواصل اجتماعي ضخمة مثل فيسبوك وإنستغرام وواتساب، بالإضافة إلى اته الكبيرة في عالم الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي.

وفقاً لإريك بالتشوناس، محلل صناديق المؤشرات المتداولة (ETF) المخضرم والمعروف في بلومبرغ، قد تكون ميتا في وضع فريد ومؤهل لأن تصبح أول شركة أمريكية بهذا الحجم والانتشار العالمي تقوم باتخاذ خطوة غير مسبوقة: إضافة البيتكوين (BTC) إلى ميزانيتها العمومية كجزء أساسي من أصول الخزينة لديها. هذه الخطوة، إن تمت وتحولت من تكهن إلى واقع، لن تكون مجرد عملية مالية عادية أو تعديل بسيط في محفظة الأصول، بل ستحمل في طياتها رمزية هائلة وتأثيراً تحويلياً على مستوى التبني المؤسساتي الأوسع للبيتكوين.

في منشور له بتاريخ 28 مايو على X (التي كانت تُعرف سابقاً باسم تويتر)، عبر بالتشوناس عن اعتقاده الراسخ بأن تحركاً استراتيجياً من قبل شركة تصنف ضمن فئة “الشركات الكبرى” (أو “Big Boy” كما وصفها باللغة الإنجليزية الأصلية للدلالة على الشركات العملاقة ذات التأثير الكبير) من شأنه أن يمثل دفعة قوية وتصديقاً عملياً لا يقبل الشك على جدوى وملاءمة تبني البيتكوين ضمن استراتيجيات إدارة الخزينة للشركات الرائدة. وأضاف في تدوينته الية أن إقدام إحدى الشركات العامة الكبرى على إضافة البيتكوين إلى أصولها الاحتياطية “يبدو حتمياً” (it feels inevitable) خلال دورة السوق الحالية للعملات الرقمية التي نشهدها. هذا التصريح المباشر لا يأتي من فراغ، بل يستند إلى سنوات من المتابعة الدقيقة لأسواق المال وتحليل لتوجهات الشركات والمؤسسات المالية الكبرى ورؤوس الأموال الضخمة التي بدأت تبحث عن بدائل للأصول التقليدية في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المتغيرة. إن التكهن بأن تكون ميتا هي الشركة الرائدة والمبادرة في هذا المجال يفتح الباب واسعاً للنقاش حول العوامل التي تجعلها المرشح الأبرز لهذه الخطوة الجريئة، والتأثيرات المتعددة الأوجه التي قد تنجم عن مثل هذه الإضافة التاريخية.

أهمية دخول “الشركات الكبرى”: لماذا ميتا ومايكروسوفت تحدثان فرقاً؟

يتعمق إريك بالتشوناس في تحليله ليشرح السبب الجوهري وراء الأهمية القصوى لدخول لاعب بحجم ميتا أو مايكروسوفت إلى ساحة حيازة البيتكوين على مستوى الخزينة. يشير إلى أن خطوة واحدة، منفردة، من قبل إحدى هاتين الشركتين العملاقتين يمكن أن يكون لها صدى وتأثير إشاري ومدى وصول يفوق بكثير التأثير التراكمي والمجمع لخطوات مماثلة تتخذها العديد من الشركات الأصغر حجماً مجتمعة. هذه ليست مجرد ملاحظة عابرة، بل هي تحليل دقيق لديناميكيات السوق وكيفية تدفق رؤوس الأموال الكبيرة.

لماذا هذا الفارق الهائل في التأثير؟ يكمن السبب الرئيسي، بحسب رؤية بالتشوناس، في أن المستثمرين المؤسساتيين الكبار (institutional investors)، وهم الجهات التي تمتلك رؤوس أموال ضخمة وتدير محافظ استثمارية عملاقة تبلغ قيمتها تريليونات الات، وتتبع استراتيجيات استثمارية طويلة الأجل ومدروسة للغاية، يراقبون عن كثب ويولون اهتماماً بالغاً ومستمراً لسياسات الخزينة التي تتبعها الشركات الكبرى والضخمة مثل ميتا ومايكروسوفت وغيرها من عمالقة وول ستريت والتكنولوجيا. هذه الشركات لا تُعد مجرد لاعبين في السوق، بل هي بمثابة قادة رأي ونماذج يحتذى بها، وأي تغيير في استراتيجياتها المالية الأساسية، خاصة ما يتعلق بكيفية إدارة أصولها الاحتياطية السائلة أو شبه السائلة، يمكن أن يرسل إشارة قوية ومؤثرة لبقية السوق، بما في ذلك المؤسسات المالية الأخرى التي لا تزال مترددة أو تقيم المخاطر، والشركات من مختلف الأحجام التي تبحث عن إشارات وتوجيهات من الكبار.

لم يتوقف بالتشوناس عند هذا الحد في تسليط الضوء على التأثير المحتمل الهائل، بل ذهب إلى تسمية ميتا تحديداً بأنها المرشح الأرجح والأكثر تأهيلاً لتكون الشركة الرائدة أو “المُمهّدة للطريق” (the likely pioneer) في هذا المجال خلال الدورة الحالية للسوق. ولتوضيح مدى عمق وقوة وتأثير هذه الخطوة المتوقعة على الوعي العام والمؤسساتي بالبيتكوين، استخدم تشبيهاً بليغاً وقوياً استدعى لحظة فارقة من التاريخ الحديث. قارن بالتشوناس التأثير المحتمل لإضافة ميتا للبيتكوين بأصولها باللحظة التي أعلن فيها الممثل السينمائي الشهير توم هانكس عن إصابته بفيروس كوفيد-19 في الأيام الأولى من انتشار الجائحة عالمياً. في ذلك الوقت، كانت الجائحة لا تزال شيئاً يبدو بعيداً أو غير واقعي أو مجرد خبر في نشرات الأخبار بالنسبة للكثيرين حول العالم، ولكن عندما أصيبت شخصية عالمية معروفة ومحبوبة على نطاق واسع جداً مثل توم هانكس، جعل ذلك المرض الخطير “يشعر وكأنه حقيقي” (feel real) وقريباً جداً للكثير من الناس الذين ربما لم يأخذوا الأمر على محمل الجد قبل ذلك. بنفس المنطق والآلية النفسية والاجتماعية، يرى بالتشوناس أن تبني شركة بحجم وشهرة ميتا للبيتكوين كأصل خزينة سيجعل تبني البيتكوين كأصل خزينة للشركات الأخرى “يشعر وكأنه حقيقي” وممكناً بل ومرغوباً فيه وربما ضرورياً للعديد من الشركات الأخرى التي ربما كانت مترددة، تنتظر وجود سابقة قوية وواضحة وموثوقة من قبل لاعب بحجم ميتا قبل أن تقدم على خطوة مماثلة. إنها إشارة قوية ستزيل الكثير من الشكوك والترددات.

تمييز حيازة ميتا المتوقعة عن شراء تسلا في 2021: لماذا يختلف السياق؟

بطبيعة الحال، عند الحديث عن الشركات الكبرى التي تمتلك البيتكوين، يتبادر إلى الذهن فوراً اسم شركة تسلا (Tesla)، الشركة الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية، بقيادة شخصية مثيرة للجدل مثل إيلون ماسك. كانت تسلا بالفعل من أوائل الشركات الكبرى المدرجة علناً التي أحدثت ضجة هائلة بإعلانها عن شراء كمية كبيرة من البيتكوين في بداية عام 2021، وذلك خلال ذروة دورة السوق الصاعدة السابقة للعملات الرقمية. فلماذا يرى بالتشوناس أن خطوة ميتا المحتملة، إذا تمت في الدورة الحالية، سيكون لها تأثير مختلف أو ربما أكبر مقارنة بخطوة تسلا التي حدثت قبل بضع سنوات؟

يجيب بالتشوناس على هذا التساؤل المحوري موضحاً أن عملية شراء تسلا في عام 2021، على الرغم من أهميتها التاريخية آنذاك، “لا تُحسب نوعاً ما” (kinda doesn’t count) بنفس الوزن والاعتبار في سياق الدورة السوقية الحالية للبيتكوين والعملات الرقمية التي نشهدها في عام 2024 وما بعده. التفسير الذي يقدمه بالتشوناس لهذا التمييز هو أن تسلا، منذ قيامها بعملية الشراء الأولية الكبيرة في عام 2021، لم تقم بإضافة أي كميات جديدة وهامة من البيتكوين إلى محفظتها. بعبارة أخرى، لم تُظهر تسلا استمراراً فعالاً في استراتيجية تجميع البيتكوين أو التوسع في حيازتها للأصل في ظل الظروف السوقية المتغيرة أو في الدورة الحالية التي يمر بها السوق. على الرغم من أنها لا تزال تحتفظ بكمية كبيرة من البيتكوين في ميزانيتها العمومية (مع بعض التعديلات الناتجة عن عمليات بيع صغيرة سابقة)، إلا أن غياب عمليات الشراء الجديدة يجعل إشارتها الحالية إلى السوق أقل قوة وفعالية في تحفيز تبني شركات أخرى مقارنة بما يمكن أن تحدثه شركة جديدة وكبيرة مثل ميتا، أو شركة قائمة توسع حيازتها بشكل استراتيجي ومتعمد في الدورة الحالية. دخول جديد لشركة بحجم ميتا، خاصة إذا كان هذا الدخول مصحوباً بإعلان عن استراتيجية واضحة ومستمرة لإدارة هذا الأصل كجزء من الخزانة، سيُنظر إليه على أنه مؤشر أقوى وأكثر حداثة وتطابقاً مع اتجاه التبني المؤسساتي في الظروف الاقتصادية والسوقية الراهنة. هذا التمييز الدقيق الذي يقدمه بالتشوناس مهم للغاية لفهم الفروقات في تأثير الإشارات الصادرة عن الشركات الكبرى في مراحل مختلفة من دورات السوق.

دعوة مباشرة من مات كول إلى مارك زوكربيرغ: حجة استراتيجية لتبني البيتكوين

يأتي منشور محلل بلومبرغ إريك بالتشوناس متزامناً مع أو في أعقاب دعوة مباشرة وقوية وجهها مات كول، الرئيس التنفيذي لشركة Strive Asset Management، وهي شركة معروفة بمناهجها الاستثمارية التي تركز على إعادة التوازن في حوكمة الشركات، إلى مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي والوجه الأبرز لشركة ميتا. هدفت هذه الدعوة الصريحة إلى حث زوكربيرغ وميتا على تبني استراتيجية خزانة تعتمد بشكل كبير على البيتكوين. هذه الدعوة، التي تسلط الضوء على الضغوط والرؤى التي يروج لها بعض مديري الأصول والمستثمرين المؤسساتيين لدفع الشركات الكبرى نحو اعتبار البيتكوين أصلاً استراتيجياً للخزانة، تمت خلال مؤتمر البيتكوين 2025، وهو حدث مهم يجمع قادة الفكر والمتحمسين ورواد الأعمال في مجال العملات الرقمية وال.

خلال كلمته الرئيسية والمؤثرة في المؤتمر، قدم مات كول حججاً قوية ومقنعة لدعم ه بأن البيتكوين يجب أن يكون جزءاً من استراتيجيات الخزينة للشركات الحديثة والذكية. ركز كول بشكل أساسي على التحديات الجوهرية التي تواجه استراتيجيات الخزينة التقليدية التي تعتمد بشكل كبير على الاحتفاظ بالنقد بالدولار الأمريكي أو الاستثمار في سندات الخزانة قصيرة الأجل. يرى كول أن هذه الأصول التقليدية تتعرض لتآكل مستمر في قوتها الشرائية على مر الزمن، وذلك كنتيجة مباشرة لتوسع المعروض النقدي M2 (M2 money supply) بشكل متسارع وغير مسبوق في السنوات الأخيرة. يشير توسع المعروض النقدي هذا إلى زيادة كبيرة في حجم الأموال المتداولة في الاقتصاد الأوسع، مما يؤدي عادة إلى ارتفاع معدلات التضخم وتقليل القوة الشرائية للعملات الورقية على المدى الطويل. في عالم تتزايد فيه عمليات طباعة النقود من قبل البنوك المركزية وتتغير فيه السياسات النقدية بسرعة استجابة للأزمات والتحديات الاقتصادية، تصبح الحاجة الملحة إلى أصول بديلة نادرة التوريد ومقاومة للتضخم وتحتفظ بقيمتها أو تنمو محل اهتمام متزايد للشركات التي تسعى لحماية قيمة احتياطياتها النقدية الضخمة من التآكل.

ختم كول كلمته بخطوة غير تقليدية ولكنها لافتة للغاية وموجهة بشكل شخصي: ترك رسالة مباشرة على البريد الصوتي لمارك زوكربيرغ. في هذه الرسالة المسجلة، أشار كول بذكاء إلى خطوة سابقة قام بها زوكربيرغ بنفسه قبل فترة، والتي بدا أنها تحمل إشارة رمزية وإن كانت فكاهية إلى اهتمامه أو على الأقل معرفته بالبيتكوين، وهي تسمية ماعزه الأليف باسم “البيتكوين”. استغل كول هذه الإشارة البسيطة ليقول لزوكربيرغ مستخدماً لغة مباشرة ومحفزة: “لقد اتخذت بالفعل الخطوة الأولى. لقد سميت ماعزك بيتكوين”. ثم انتقل فوراً إلى صلب طلبه وأساس حجته قائلاً بوضوح: “طلبي هو أن تتخذ الخطوة الثانية وتتبنى منهجاً جريئاً واستراتيجياً لخزانة الشركة يعتمد على البيتكوين وتصوت بنعم على المقترح رقم 13.” لم يوضح النص المصدر ما هو “المقترح رقم 13” المشار إليه، ولكن الإشارة إليه ضمن سياق دعوة لتبني البيتكوين على مستوى الشركة تشير على الأرجح إلى مبادرة داخلية معينة، قرار لمجلس الإدارة، أو ربما مقترح على مستوى الصناعة يتعلق بتبني العملات الرقمية أو تكنولوجيا البلوكتشين ضمن العمليات التشغيلية أو المالية للشركات الكبرى. هذه الدعوة العلنية والشخصية من مدير أصول إلى رئيس تنفيذي لشركة كبرى تبرز بوضوح مدى جدية بعض الأطراف الفاعلة في عالم ال المؤسساتي في دفع عجلة تبني البيتكوين على المستوى المؤسساتي، وكيف أنهم يستهدفون القادة والشركات الأكثر تأثيراً لتحقيق هذا الهدف.

مداولات : سياق إضافي لاهتمام ميتا بالكريبتو

تكتسب التكهنات حول احتمال تبني ميتا للبيتكوين بُعداً إضافياً وسياقاً مهماً للغاية عند النظر إلى الأنشطة الأخرى التي تقوم بها الشركة في مجال التمويل القائم على البلوكتشين والأصول الرقمية. فقد أشارت تقارير إخبارية حديثة، نشرتها مصادر موثوقة، إلى أن ميتا قد أعادت بالفعل النظر في مجال التمويل الرقمي من زاوية مختلفة ومكملة، وذلك من خلال استكشاف إمكانية استخدام العملات المستقرة المنظمة (regulated stablecoins) في عملياتها التشغيلية. هذه الخطوة لا تتعلق بشكل مباشر بالبيتكوين كأصل خزينة، لكنها تؤكد وجود اهتمام مستمر ومتجدد بتقنيات الكريبتو داخل الشركة.

وفقاً لهذه التقارير، تجري ميتا حالياً محادثات أولية ومكثفة مع عدد من مزودي البنية التحتية لتقنية العملات الرقمية والبلوكتشين بهدف دراسة وتصميم حلول محتملة لاستخدام العملات المستقرة المنظمة في تسهيل عمليات دفع المستحقات عبر الحدود (cross-border payouts) للمبدعين وصناع المحتوى الذين ينشطون على منصات الشركة المختلفة، مثل إنستغرام وفيسبوك وغيرها من الخصائص الرقمية التي تمتلكها وتديرها ميتا. هذه الخطوة تشير إلى اهتمام عملي وملموس من قبل ميتا باستكشاف كيفية الاستفادة العملية والمباشرة من تقنيات البلوكتشين والأصول الرقمية لتسهيل وتبسيط المعاملات المالية وتقليل تكاليفها الباهظة وتعقيداتها اللوجستية، خاصة في سياق المدفوعات الدولية التي غالباً ما تكون بطيئة ومكلفة وتتضمن العديد من الوسطاء المصرفيين والماليين. استخدام العملات المستقرة المرتبطة بعملات ورقية مثل الدولار يمكن أن يوفر بديلاً أسرع وأكثر كفاءة وشفافية لإرسال الأموال عبر الحدود، وهو أمر حيوي لدعم اقتصاد المبدعين العالمي المتنامي.

وصف مسؤولون تنفيذيون مطلعون ومقربون من هذه المداولات الداخلية الجارية وضع ميتا الحالي في هذا الصدد بأنه في مرحلة “وضع التعلم” (learn mode)، مما يعني أن الشركة لا تزال في مرحلة مبكرة جداً من البحث والتقييم، وتستكشف الخيارات المتاحة والشركاء التقنيين المحتملين، وليس لديها حتى الآن تفضيل محدد لجهة إصدار معينة من العملات المستقرة أو لبروتوكول بلوكتشين بعينه لاستخدامه في هذه المدفوعات. هذا يشير إلى مقاربة حذرة وممنهجة لاستيعاب التكنولوجيا ومتطلباتها التنظيمية.

على الرغم من أن هذه المناقشات حول العملات المستقرة لا تتعلق بشكل مباشر بتبني البيتكوين كأصل خزينة (حيث أن البيتكوين معروف بتقلباته السعرية الكبيرة بينما العملات المستقرة مصممة للحفاظ على قيمة ثابتة نسبياً مقابل عملة ورقية أو سلة من الأصول لتعمل كوسيلة تبادل مستقرة)، إلا أنها تمثل إشارة واضحة وقوية إلى اهتمام متجدد وحقيقي من قبل ميتا بالحلول المالية القائمة على السلسلة (on-chain payment rails) أو ما يعرف بـ “مسارات الدفع على البلوكتشين”. هذا الاهتمام يأتي بعد فترة من الهدوء النسبي في أنشطة ميتا المتعلقة بالكريبتو منذ التخلي عن مشروعها الطموح السابق للعملة المستقرة، والذي كان يُعرف في البداية باسم “ليبرا” (Libra) تحت مظلة تحالف دولي، ثم تغير اسمه لاحقاً إلى “دييم” (Diem)، والذي تم التخلي عنه رسمياً وبيع أصوله في عام 2022 في مواجهة تحديات تنظيمية هائلة وضغوط سياسية ومالية كبيرة واجهها المشروع على مستوى عالمي من قبل البنوك المركزية والحكومات والهيئات التنظيمية. إن إعادة ميتا لاستكشاف مجال العملات الرقمية، حتى لو كان من زاوية مختلفة (استخدام عملات مستقرة موجودة ومدارة من قبل أطراف أخرى بدلاً من إنشاء عملتها الخاصة)، يؤكد أن الشركة لا تزال ترى قيمة وإمكانات كبيرة في تكنولوجيا البلوكتشين والتمويل الرقمي في تسهيل أعمالها وتوسيع نطاق خدماتها، مما يعطي سياقاً إيجابياً ودعماً غير مباشر لرؤية بالتشوناس حول احتمال تبنيها للبيتكوين كأصل خزينة على المدى الطويل. هذا التوجه المتعدد الأوجه نحو الكريبتو يعزز فكرة أن ميتا ربما تكون مستعدة لاتخاذ خطوات أكبر وأكثر شمولاً في هذا الفضاء الذي يتطور باستمرار.

الآثار المحتملة لتبني ميتا للبيتكوين: تحول محتمل في المشهد المالي

إذا ما تحولت تكهنات محلل بلومبرغ إلى حقيقة، وقررت ميتا بالفعل إضافة كمية كبيرة من البيتكوين إلى ميزانيتها العمومية، فإن الآثار المحتملة لهذه الخطوة ستكون متعددة الأوجه وعميقة على حد سواء. أولاً، مثل هذا التحرك من قبل شركة تبلغ قيمتها السوقية تريليونات الدولارات وتمتلك هذا الحجم الهائل من التأثير العالمي من شأنه أن يرسل صدمة قوية وموجة من الاهتمام عبر الأسواق المالية التقليدية وأسواق العملات الرقمية على حد سواء. سيتم تفسير هذه الخطوة فوراً من قبل العديد من المستثمرين والمحللين والمراقبين على أنها تصويت قوي وغير مسبوق بالثقة في البيتكوين كأصل شرعي للحفاظ على القيمة (store of value) وأصل قابل للتطبيق لإدارة الخزانة، ليس فقط لشركات التكنولوجيا الرائدة، بل وربما لمجموعة أوسع بكثير من الصناعات والقطاعات الاقتصادية. يمكن أن يؤدي هذا إلى تعزيز معنويات المستثمرين المؤسساتيين بشكل كبير وربما يؤدي إلى تأثير متسلسل (cascade effect)، مما يشجع شركات كبرى أخرى على أن تحذو حذوها أو على الأقل أن تقوم بتقييم جدي ومستفيض لإمكانية إضافة البيتكوين إلى محافظ خزائنها. سيناريو “تأثير توم هانكس” الذي وصفه بالتشوناس سيتحقق على نطاق أوسع بكثير وأكثر تأثيراً في عالم المال والأعمال.

من الناحية الاقتصادية والسوقية، يمكن أن يؤدي الطلب المؤسساتي المتزايد على البيتكوين من قبل شركات بحجم ميتا وغيرها إلى ممارسة ضغط تصاعدي كبير على سعر البيتكوين، خاصة إذا انضمت شركات أخرى إلى هذا التوجه. كما ستساهم هذه الخطوة في زيادة طمس الخطوط الفاصلة بين عالم التمويل التقليدي وعالم العملات الرقمية، مما يدفع البيتكوين بشكل أكثر رسوخاً وقوة إلى التيار المالي الرئيسي ويجعله جزءاً لا يتجزأ من الوعي المالي العام. بالنسبة للمؤيدين المتحمسين للبيتكوين، ستكون هذه الخطوة بمثابة تصديق هائل على إيمانهم الراسخ والطويل الأمد بإمكانات البيتكوين كتحوط فعال ضد التضخم وكبديل متفوق للأصول الاحتياطية التقليدية في العصر الرقمي الذي نعيشه. سيعزز ذلك السردية القائلة بأن البيتكوين هو الذهب الرقمي أو “المال الصلب” الذي لا يمكن التلاعب بعرضه.

ومع ذلك، فإن تبني البيتكوين كأصل خزينة لن يخلو من التحديات والمخاطر. ستحتاج ميتا إلى التعامل مع التعقيدات المرتبطة بحيازة أصل شديد التقلب في ميزانيتها العمومية. هذا يشمل التعامل مع القواعد المحاسبية المتغيرة وغير الواضحة أحياناً للأصول الرقمية، ومواجهة حالة عدم اليقين التنظيمي المستمرة في مختلف الولايات القضائية حول العالم، بالإضافة إلى التدقيق العام والضغط الإعلامي الذي سيصاحب مثل هذه الخطوة. تجربة الشركات التي سبقت في هذا المجال، مثل تسلا ومايكروستراتيجي (MicroStrategy) التي لديها حيازات ضخمة من البيتكوين، توفر بعض الدروس المستفادة، ولكن حجم عمليات ميتا ونطاق أعمالها العالمي يضيف طبقة أخرى من التعقيد والتحديات التي يجب إدارتها بعناية فائقة.

الخلاصة: هل ميتا على وشك أن تكون رائدة البيتكوين المؤسساتي؟

إن الرؤية التي قدمها محلل بلومبرغ إريك بالتشوناس، والتي تشير إلى أن شركة ميتا العملاقة قد تكون الشركة الرائدة والممهّدة للطريق بين الشركات الأمريكية الكبرى في مجال دمج البيتكوين ضمن استراتيجيات خزائنها، هي رؤية مقنعة للغاية وتستحق المتابعة الدقيقة. هذه الرؤية مدعومة بأساس منطقي قوي، حيث أن بالتشوناس يرى أن خطوة من قبل كيان بحجم ميتا من شأنها أن توفر مصداقية وتصديقاً غير مسبوقين لمفهوم تبني البيتكوين على مستوى الشركات، مما يجعلها أكثر واقعية وجاذبية للشركات الأخرى المترددة. كما أن تحليله الذي يميز خطوة ميتا المحتملة عن المحاولات السابقة مثل شراء تسلا الأولي يوضح أن سياق السوق الحالي يضيف وزناً مختلفاً وأهمية متزايدة لأي دخول جديد من قبل لاعب كبير.

علاوة على ذلك، عندما ننظر إلى هذه التكهنات في سياق أنشطة ميتا الأخرى المتعلقة بالكريبتو، مثل استكشافها الجاري لاستخدام العملات المستقرة لتسهيل المدفوعات عبر الحدود للمبدعين، يتضح لنا صورة شركة لا تقف مكتوفة الأيدي، بل تستكشف بنشاط إمكانات تكنولوجيا البلوكتشين والأصول الرقمية من زوايا مختلفة، سواء كأصول خزينة أو كأدوات لتسهيل عملياتها التجارية. هذا الاهتمام المتعدد الأوجه بالكريبتو داخل ميتا يعزز من احتمال أن تكون الشركة في مرحلة تقييم جدي للانخراط بشكل أعمق في هذا المجال.

في حين أن النتيجة النهائية لهذه التكهنات لا تزال غير مؤكدة، وأن قراراً استراتيجياً بهذا الحجم سيشمل بالضرورة دراسة معمقة واعتبارات تشغيلية وتنظيمية ومالية ضخمة، إلا أن مجرد طرح هذه الفكرة من قبل محلل موثوق به في مؤسسة مالية مرموقة مثل بلومبرغ يضع هذه الإمكانية بقوة على طاولة النقاش العام وفي دائرة الاهتمام الرئيسية للمستثمرين والمراقبين. إن عالم التمويل، وخاصة مجتمع العملات الرقمية، سيراقبون شركة ميتا عن كثب شديد ليروا ما إذا كانت ستستجيب لهذه الدعوات وتتخذ بالفعل “الخطوة الثانية” نحو تبني البيتكوين، وتصبح بذلك رائدة حقيقية و”مُمهّدة للطريق” لبقية عالم الشركات في استكشاف حدود البيتكوين كأصل خزينة استراتيجي. إن تأثير مثل هذه الخطوة، إذا حدثت، لا يمكن المبالغة فيه؛ فقد يكون نقطة تحول رئيسية تعيد تشكيل النظرة المؤسساتية للبيتكوين وتدفعه نحو تبني أوسع نطاقاً على مستوى عالمي. الوقت وحده سيكشف ما إذا كانت ميتا مستعدة لخوض هذا التحدي وتبني جزء من مستقبل مالي يتزاوج فيه عالم الشركات التقليدي مع اقتصاد الأصول الرقمية الناشئ.

“`

مواضيع مشابهة