“`html
اتهام أربعة أشخاص في مخطط لغسل أموال بقيمة 123 مليون دولار عبر العملات المشفرة في كوينزلاند، حسب الشرطة الفيدرالية الأسترالية
تُعد قضايا غسل الأموال التي تستخدم العملات المشفرة تحدياً متزايداً للسلطات القانونية حول العالم. وفي تطور كبير ضمن جهود مكافحة الجريمة المنظمة، وجهت السلطات الأسترالية اتهامات لأربعة أفراد لدورهم المزعوم في شبكة متطورة لغسل الأموال مقرها ولاية كوينزلاند، ويُزعم أنها قامت بتحويل 123 مليون دولار أسترالي من الأموال غير المشروعة إلى عملات مشفرة. هذه القضية تسلط الضوء على الأساليب المعقدة التي يستخدمها المجرمون لإخفاء مصادر أموالهم غير القانونية وكيفية استخدامهم للأصول الرقمية في هذه العمليات.
تأتي هذه الاتهامات بعد تحقيق مكثف استمر 18 شهراً قادته الشرطة الفيدرالية الأسترالية (AFP) من خلال فرقة العمل المعنية بمصادرة الأصول الإجرامية (CACT)، بالتعاون الوثيق مع عدة وكالات حكومية أخرى. شاركت في التحقيق جهات مهمة مثل شرطة كوينزلاند، وقوة الحدود الأسترالية، ومركز الإبلاغ عن المعاملات المالية الأسترالي (AUSTRAC)، واللجنة الأسترالية للاستخبارات الجنائية، ومكتب الضرائب الأسترالي. هذا التعاون بين الوكالات المتعددة يؤكد على حجم وتعقيد العملية الإجرامية التي تم الكشف عنها والحاجة إلى تضافر الجهود لمكافحتها.
تفكيك منظمة لغسل الأموال
وفقاً للبيان الصحفي الرسمي الصادر عن مكتب الضرائب الأسترالي، بلغت عملية التحقيق متعددة الوكالات ذروتها الأسبوع الماضي بتنفيذ 14 مذكرة تفتيش في مواقع مختلفة في بريسبان وغولد كوست. استهدفت هذه المذكرات مخططاً يُزعم أنه قام بتمرير عائدات إجرامية عبر شبكة معقدة ومتشابكة من الشركات والحسابات المصرفية ومنصات تبادل العملات المشفرة. هذه الشبكة المعقدة هي سمة مميزة لعمليات غسل الأموال الكبيرة، حيث يتم استخدام طبقات متعددة لإخفاء أصل الأموال.
في قلب القضية، توجد شركة أمن مقرها غولد كوست. تم توجيه الاتهام لمدير الشركة، وهو رجل يبلغ من العمر 48 عاماً من ماودسلاند، ومديرتها العامة، وهي امرأة تبلغ من العمر 35 عاماً، بالتعامل مع عائدات جريمة تبلغ قيمتها نحو 6.5 مليون دولار. يُزعم أن هذه الشركة كانت تمزج بين عمليات نقل النقد الشرعية والأموال غير المشروعة التي يتم الحصول عليها من جماعات الجريمة المنظمة. كانت هذه الأموال تُجمع من مواقع سرية محددة مسبقاً في جميع أنحاء البلاد وتُنقل جواً إلى كوينزلاند متنكرة في شكل شحنات بضائع محلية. هذه الطريقة في نقل الأموال تظهر مستوى التخطيط والتنظيم الذي كانت تتمتع به المنظمة.
بعد وصول الأموال إلى كوينزلاند، يُزعم أنها كانت تُحول إلى أصول مشفرة أو تُدفع من خلال شركات وهمية. من بين هذه الشركات الوهمية التي تم تحديدها، كانت هناك شركة للترويج ووكالة لبيع السيارات الكلاسيكية. استخدام الشركات الوهمية هو تكتيك شائع في عمليات غسل الأموال لإعطاء الأموال مظهراً شرعياً وتجنب اكتشاف مصدرها الحقيقي. هذه الشركات كانت بمثابة قنوات لإعادة دمج الأموال المغسولة في الاقتصاد المشروع.
محافظ عملات مشفرة وأصول فاخرة ووثائق مزورة تم الاستيلاء عليها
لم تقتصر الاتهامات على القائمين على الشركة الأمنية. هناك رجل آخر من بريسبان، يبلغ من العمر 32 عاماً من هيثوود، ويُقال إنه كان عميلاً رئيسياً للعملية. يُتهم هذا الرجل بغسل 6.167 مليون دولار على مدار 15 شهراً. وقد وجهت إليه عدة تهم، بما في ذلك عدم تقديم إمكانية الوصول إلى هاتف محمول مؤمن. تزعم السلطات أنه كان يتحكم في شركة الترويج التي استُخدمت لإخفاء حركة الأموال، مع تسمية زوجته كمديرة واجهة لتجنب الشبهات.
شخص متهم آخر هو رجل من بريسبان، يبلغ من العمر 58 عاماً من ويست إند. يُزعم أنه استلم 4.15 مليون دولار من خلال وكالة السيارات الكلاسيكية وقام بتوجيهها إلى الشبكة باستخدام حسابات مصرفية متعددة لإخفاء مصدر الأموال. يواجه هذا الرجل أربع تهم، من بينها غسل الأموال، واستعمال مستند مزور، والتعامل في معلومات تحديد الهوية لغرض ارتكاب جريمة جنائية. هذه التهم تعكس الأساليب المتنوعة التي استخدمتها الشبكة لإتمام عملياتها.
بفضل التحقيق الشامل وعمليات التفتيش، نجحت السلطات في تقييد ملايين الدولارات من الأصول التي يُشتبه في كونها عائدات إجرامية. تشمل هذه الأصول 17 عقاراً، وعدداً من المركبات، وحسابات مصرفية في كوينزلاند ونيو ساوث ويلز. خلال المداهمات، استولى المحققون على أجهزة مشفرة، وسجلات تجارية، ومبلغ 30,000 دولار نقداً، بالإضافة إلى محافظ عملات مشفرة تحتوي على ما يقرب من 110,370 دولاراً من الأصول الرقمية. قيمة الأصول المصادرة والعملات المشفرة المحتجزة تؤكد على حجم الثروة التي تمكنت المنظمة من جمعها من خلال أنشطتها غير القانونية.
تشكل مصادرة الأصول جزءاً حاسماً من استراتيجية مكافحة الجريمة المنظمة، حيث تهدف إلى تجريد المجرمين من مكاسبهم غير المشروعة وتقويض قدراتهم المالية على الاستمرار في أنشطتهم الإجرامية. كما تبعث برسالة واضحة بأن السلطات لن تتسامح مع استخدام الأصول الرقمية في تسهيل الجريمة. استخدام الأجهزة المشفرة وسجلات الأعمال يوضح أيضاً مدى التخطيط والتنظيم الذي كان قائماً في الشبكة، ومحاولتهم إخفاء آثارهم.
في بيان له، قال المحقق المشرف في الشرطة الفيدرالية الأسترالية، أدريان تيلفر:
نحن نزعم أن هذه المنظمة تعمدت إخفاء وتمويه مصدر وقيمة وطبيعة أموالها غير المشروعة، وأبعدت نفسها عن الأموال في محاولة لتجنب الوقوع في قبضة السلطات. هذا المخطط كان معقداً ومحسوباً، وهو يبرهن على المدى الذي سيذهب إليه المجرمون لكسب المال.
يؤكد تصريح المحقق تيلفر على الطبيعة المعقدة والمخططة للعملية، ويشدد على إصرار المجرمين على استخدام جميع الوسائل المتاحة، بما في ذلك التقنيات الحديثة مثل العملات المشفرة، لتحقيق أهدافهم غير القانونية. التحقيق والقبض على هؤلاء الأفراد يمثل ضربة قوية لشبكات غسل الأموال التي تحاول استغلال مرونة النظام المالي والتقنيات الجديدة.
هذه القضية تُعد تذكيراً هاماً بأن تقنيات العملات المشفرة، رغم إمكانياتها الهائلة للتطبيقات المشروعة، يمكن أن تُستخدم أيضاً لأغراض غير قانونية. كما تسلط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه الوكالات الحكومية في تتبع هذه الأنشطة ومقاضاة المسؤولين عنها. إن التعاون بين الشرطة، والجهات الرقابية المالية مثل AUSTRAC، والسلطات الضريبية، وقوات الحدود ضروري لكشف وتفكيك هذه الشبكات التي تعمل عبر حدود الولايات والقطاعات المالية المختلفة.
الجهود المستمرة لمكافحة غسل الأموال عبر العملات المشفرة تتطلب تطوير أدوات وقدرات تحقيق متقدمة لمواكبة التطورات السريعة في عالم الأصول الرقمية. كما تتطلب يقظة مستمرة من قبل المؤسسات المالية ومنصات تبادل العملات المشفرة لتطبيق تدابير قوية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CTF)، والإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة إلى السلطات المختصة.
تُظهر هذه القضية أيضاً كيف أن الجريمة المنظمة تتكيف وتستخدم أساليب جديدة، مثل دمج العمليات النقدية مع تحويلات العملات المشفرة واستخدام هياكل شركات معقدة لإضفاء الشرعية على الأموال القذرة. تفكيك هذه الشبكة لا يوقف تدفق الأموال غير المشروعة فحسب، بل يوفر أيضاً للسلطات رؤى قيمة حول كيفية عمل هذه المنظمات وكيفية مكافحتها بفعالية أكبر في المستقبل.
المحاكمة القادمة للأفراد المتهمين ستكشف المزيد من التفاصيل حول كيفية عمل هذه الشبكة ومدى تورط كل فرد. لكن الاتهامات بحد ذاتها تُعد خطوة مهمة في الجهود الأسترالية لمكافحة الجريمة المالية المنظمة وحماية النزاهة المالية للبلاد.
“`