توم لي يتنبأ بوصول سعر الإيثيريوم إلى 30,000 دولار مع بدء حمى الاستحواذ على الخزانة
في تطور يثير اهتمام مجتمع العملات الرقمية والمستثمرين على حد سواء، كشف توم لي، الشريك المؤسس ورئيس الأبحاث في Fundstrat Global Advisors، عن رؤيته الجريئة لمستقبل إيثيريوم (ETH). عبر سلسلة من ستة منشورات على منصة X (تويتر سابقًا) أمس، طرح لي فرضية محورية واحدة: إذا ما بدأت الشركات في التعامل مع إيثيريوم بنفس الطريقة التي اتبعتها بها شركة مايكروستراتيجي (MicroStrategy) مع بيتكوين، فإن سعر الرمز قد يرتفع ليصل إلى 30,000 دولار أمريكي، مدفوعًا بالرياضيات البسيطة لامتصاص الميزانية العمومية.
تستند حجة لي بشكل أساسي على الميكانيكا التي يرى أنها كانت القوة الدافعة وراء إعادة تقييم الأسهم المذهلة لشركة مايكروستراتيجي. فمنذ 11 أغسطس 2020 وحتى يومنا هذا، ارتفعت أسهم شركة البرمجيات هذه من 13 دولارًا إلى حوالي 455 دولارًا، محققة بذلك مكاسب تبلغ 35 ضعفًا. ما يثير الدهشة هو أن 11 ضعفًا فقط من هذه المكاسب الخمسة والثلاثين جاءت من ارتفاع سعر البيتكوين نفسه – الذي صعد من حوالي 11,000 دولار إلى 118,000 دولار في نفس الفترة. بينما، وفقًا لـ لي، فإن 25 ضعفًا من هذه المكاسب نتجت عن ما أسماه “استراتيجية الخزانة”. تعني هذه الاستراتيجية التمويل المتكرر الذي زاد من عدد عملات البيتكوين لكل سهم بوتيرة أسرع من السعر الفوري للعملة نفسها، مما خلق قيمة إضافية للمساهمين تتجاوز مجرد تقلبات السوق.
هل إيثيريوم في طريقها إلى 30,000 دولار؟
يتعمق توم لي في تفصيل ثلاث خطوات رئيسية يرى أنها جعلت نموذج مايكروستراتيجي ناجحًا، ويؤكد أنها ستكون أكثر فاعلية وقوة عند تطبيقها على إيثيريوم. هذه الخطوات هي:
- إصدار أسهم جديدة فوق صافي قيمة الأصول: تهدف هذه الخطوة إلى جمع رأس مال إضافي يمكن استخدامه لاقتناء المزيد من رموز إيثيريوم. من خلال إصدار الأسهم بسعر يتجاوز القيمة الدفترية للشركة، يمكن للشركات الحصول على رأس مال بتكلفة منخفضة نسبيًا لزيادة حيازاتها من الأصول الرقمية.
- استغلال تقلبات الرمز لخفض تكاليف الاقتراض: تتميز العملات الرقمية، وخاصة إيثيريوم، بتقلبات سعرية ملحوظة. يرى لي أن هذا التقلب يمكن استغلاله بذكاء لإنشاء هياكل تمويلية مبتكرة مثل القروض المدعومة بخيارات الشراء أو البيع، مما يقلل من تكلفة الاقتراض بشكل كبير عند استخدام الرموز كضمانات أو لتوليد تدفقات نقدية.
- الاعتماد على الأسهم القابلة للتحويل أو الممتازة للحد من التخفيف: توفر الأسهم القابلة للتحويل (Convertibles) أو الأسهم الممتازة (Preferred Shares) وسيلة لجمع رأس المال دون التسبب في تخفيف فوري وكبير لملكية المساهمين الحاليين. يمكن تحويل هذه الأسهم إلى أسهم عادية في المستقبل بشروط محددة، مما يمنح الشركات مرونة في هيكلة تمويلها مع الحفاظ على جاذبية الاستثمار.
ويجادل لي بأن التقلب المحقق لعملة الإيثر لا يزال يتجاوز تقلب البيتكوين. هذا الاختلاف الجوهري يعني أن تكلفة هياكل الديون والخيارات المستخدمة لزيادة حجم الخزانة (أي لتمويل شراء المزيد من الإيثيريوم) يمكن تخفيضها بشكل أكبر. هذا التخفيض في تكلفة رأس المال سيسرع من وتيرة تراكم رموز الإيثيريوم في خزائن الشركات، مما يؤدي إلى زيادة الطلب ويعزز السعر.
بيت ماين إميرشن تكنولوجيز: على خطى مايكروستراتيجي
في نفس سلسلة المنشورات على منصة X، أعاد توم لي نشر مخطط يوضح أن شركته الخاصة، بيت ماين إميرشن تكنولوجيز (BitMine Immersion Technologies)، قامت بشراء قيمة اسمية من إيثيريوم أكبر بأربعة أضعاف خلال أسبوعها الأول من النشاط (بقيمة مليار دولار أمريكي من الإيثيريوم) مقارنة بما اشترته مايكروستراتيجي من بيتكوين في أسبوعها الأول من عمليات الشراء في عام 2020. هذا الرقم يوضح حجم الطموح والنطاق الذي تسعى إليه هذه الشركات في استراتيجية استحواذ الأصول الرقمية.
تُظهر أرقام بيت ماين حجم هذه المبادرة. فقد أكدت الشركة في إفصاح تنظيمي وبيان صحفي لاحق صادر في 17 يوليو أنها تمتلك الآن 300,657 إيثيريوم، وهو ما يعادل أكثر بقليل من مليار دولار أمريكي وقت النشر، وذلك بعد إغلاق صفقة تمويل خاص بقيمة 250 مليون دولار أمريكي في 8 يوليو. وصرح لي، الذي يترأس مجلس إدارة بيت ماين، بأن الشركة “تسير بخطى ثابتة نحو الاستحواذ على خمسة بالمائة من إجمالي المعروض من الإيثيريوم وربطها (Staking)”. يمثل هذا الهدف طموحًا هائلاً، حيث أن الاستحواذ على نسبة كبيرة من العرض المتداول من شأنه أن يخلق ضغطًا تصاعديًا كبيرًا على سعر الإيثيريوم.
شاربلينك غيمنغ: لاعب رئيسي آخر
تأتي شركة شاربلينك غيمنغ (SharpLink Gaming) في المرتبة الثانية كأكبر شركة تتبع استراتيجية الخزانة لـ إيثيريوم، ويترأس مجلس إدارتها جوزيف لوبين، أحد المؤسسين المشاركين لـ إيثيريوم. في 17 يوليو، قامت الشركة بتحديث نشرة الاكتتاب الخاصة بها لدى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) لزيادة حجم الأسهم التي يمكنها بيعها من مليار دولار إلى 6 مليارات دولار، مشيرة إلى أن العائدات ستمول عمليات شراء إضافية لـ إيثيريوم. كانت شاربلينك قد جمعت بالفعل 413 مليون دولار بين 7 و 11 يوليو وأفصحت عن امتلاكها 280,706 إيثيريوم في سجلاتها اعتبارًا من 13 يوليو، معظمها (باستثناء بضع مئات) تم ربطها (Staked) لتحقيق عائد. هذا يبرز ليس فقط نية الشراء، بل أيضًا استراتيجية تحقيق الدخل من الحيازات، مما يجعل نموذجهم أكثر استدامة.
بيت ديجيتال: الطموح لقيادة السوق
تختتم شركة بيت ديجيتال (Bit Digital) هذا الثلاثي المؤثر. فبعد بيع أسهم مضمون بقيمة 172 مليون دولار في 7 يوليو وتصفية 280 بيتكوين، أعلنت شركة التعدين المدرجة في بورصة ناسداك عن امتلاكها خزانة تحتوي على 100,603 إيثيريوم. وصرح سام تابار، الرئيس التنفيذي للشركة، عن نيتهم في أن يصبحوا “الشركة الرائدة في حيازة إيثيريوم في العالم”. هذه الخطوة من بيت ديجيتال، بتحويل جزء من حيازاتها من البيتكوين إلى إيثيريوم والتركيز على الإيثر، تعكس تحولًا استراتيجيًا مهمًا وتؤكد على الاهتمام المتزايد بـ إيثيريوم كأصل خزينة رئيسي.
القوة التجميعية والحلقة الانعكاسية
عند جمع حيازات الشركات الثلاث معًا – بيت ماين، شاربلينك، وبيت ديجيتال – فإنها تتحكم الآن في ما يقرب من 682,000 إيثيريوم، أو ما يعادل حوالي نصف بالمائة من إجمالي العرض المتداول. والأهم من ذلك، أن كل واحدة من هذه الشركات لديها تراخيص نشطة لإصدار المزيد من الأسهم أو الديون بشكل صريح لغرض تراكم الإيثر. هذا يشير إلى أن عمليات الشراء هذه ليست مجرد صفقات لمرة واحدة، بل هي جزء من استراتيجية مستمرة وطويلة الأمد.
يؤكد لي على أن هذه “الحلقة الانعكاسية” التي يتم إنشاؤها – حيث تؤدي أسعار الأسهم المرتفعة إلى توفير رأس مال أرخص بشكل متزايد، والذي بدوره يشتري المزيد من الرموز لكل سهم – يمكن أن تضغط الوقت اللازم لكي يعكس السعر ندرة العرض. فكلما ارتفع سعر سهم الشركة التي تستحوذ على الإيثر، زادت قدرتها على إصدار أسهم جديدة أو الحصول على ديون بتكلفة أقل، مما يمكنها من شراء المزيد من الإيثر، مما يزيد من ندرة العرض في السوق، وبالتالي يدفع سعر الإيثر للارتفاع، مما يعزز بدوره سعر سهم الشركة، وهكذا دواليك. هذه دورة إيجابية تعزز نفسها ذاتيًا.
تأكيدات محللي العملات الرقمية وأهداف الأسعار
تفاعل محلل العملات الرقمية المعروف باسم “دي سي إنفستور” (DCInvestor) مع سلسلة منشورات توم لي، ولخص الرياضيات وراءها في نطاق سعري محدد: “توم لي يدعو بشكل أساسي لـ إيثر يتراوح بين 30 ألف و 80 ألف دولار. وبعضكم يعتقد أننا سنتوقف عند 1-2 ألف دولار بعد أعلى سعر وصل إليه في الدورة الماضية.” هذه الملاحظة تعكس الثقة المتزايدة بين المحللين بأن إيثيريوم لم يبلغ ذروته بعد، وأن هناك مجالًا كبيرًا للنمو، خاصة إذا تبنت الشركات استراتيجيات خزينة مماثلة لـ مايكروستراتيجي.
يتم تداول الإيثر اليوم بالقرب من 3,600 دولار أمريكي. وبالتالي، فإن تحقيق قفزة بمقدار ثمانية أضعاف للوصول إلى 30,000 دولار لن يكون أكثر من تكرار للمضاعف الذي حققته بيتكوين بين أول عملية شراء لـ مايكروستراتيجي وذروتها في عام 2021. الفارق الأساسي الذي يجادل به لي هو أن مايكروستراتيجي قضت أربع سنوات في إثبات جدوى النموذج وتطبيقه. بينما خزائن إيثيريوم استغرقت أقل من شهرين فقط لجمع أول بضعة مليارات من الدولارات. هذا يشير إلى وتيرة تسارع غير مسبوقة في تبني هذه الاستراتيجية وتأثيرها المحتمل على السوق.
الخاتمة: بداية عصر جديد لـ إيثيريوم؟
إن التحول الذي نراه الآن، حيث تتبنى الشركات الكبرى إيثيريوم كأصل استراتيجي لخزانة الشركة، يمثل نقطة تحول حاسمة في رحلة العملات الرقمية. ما بدأته مايكروستراتيجي مع بيتكوين يتكرر الآن مع إيثيريوم، ولكن بوتيرة أسرع وحماس أكبر، مدعومًا بخصائص إيثيريوم الفريدة وقدرتها على تحقيق عائد من خلال الـ Staking. إذا استمرت هذه “الحمى” في التوسع، فإن تنبؤات توم لي بـ 30,000 دولار لـ إيثيريوم قد لا تكون مجرد أمنيات، بل واقعًا محتملًا يستند إلى أسس اقتصادية واستراتيجية قوية. هذا التوجه لا يعزز فقط قيمة إيثيريوم، بل يضيف طبقة جديدة من الشرعية والاستقرار للأصول الرقمية في عيون المؤسسات المالية التقليدية.